أبو الضوء - ويكيبيديا

أبو الضوء
معلومات عامة
الجنس
عائلة أبي الضوء. تشير الأسماء المكتوبة بخط عريض إلى أولئك الذين تولوا منصب الشيخ الفقيه القاضي في باليرمو.

أبو الضوء سراج بن أحمد بن رجاء ( (1123– حوالي 1145) كان إداريًا مسلمًا صقليًا وشاعرًا عربيًا في مقاطعة صقلية النورماندية [الإنجليزية] بعد سقوط الإمارات الإسلامية الفاطمية في جنوب إيطاليا ومالطا. عمل بشكل وثيق مع الكونت (الذي أصبح فيما بعد الملك) روجر الثاني كسكرتير وكتب فيما بعد قصيدة عن وفاة أحد أبناء روجر.

أبو الضوء هو لقب يعني "أبو النور"، واسم ولادته هو سراج. أبوه أحمد وجده رجاء. وُلِد في عائلة مسلمة بارزة من باليرمو وهي عائلة بنو الرجاء. كان أربعة أعضاء من ثلاثة أجيال من بني الرجاء يشغلون منصب الشيخ الفقيه القاضي في باليرمو مع السلطة القضائية على المجتمع المسلم المحلي بين عامي 1123 و1161.[1][2]

عمله

[عدل]

أقدم وثيقة تذكر أبو الضوء تعود إلى يناير 1123 وهي مكتوبة باللغة اليونانية. وهو سجل لقضية في المحكمة بين ابن عم الكونت روجر، مورييلا من بيترانا، ومالك الأرض العربي، أبو مضر بن البيذراني، بشأن حيازة طاحونة. وكان أبو الضوء عضوًا في لجنة التحكيم التي حكمت لصالح مورييلا. ربما تم إدراجه لأن القضية تتضمن بعض الشهود العرب والوثائق العربية. وجلس في لجنة أيضًا الوزير مع عبد الرحمن النصراني وعم أبي الضوء قاضي باليرمو . اللقب الذي أُعطي له في الوثيقة هو ὁ καΐτος ( هوكياتود، شكل هيليني من الكلمة العربية "القائد"). في اللغة اليونانية، عُرف باسم Βοδδάος ( بوداوس). وفي وقت لاحق على الأقل، أصبح لقب القائد هو اللقب القياسي لجميع المسؤولين المسلمين في المحكمة.[3]

وفقًا لمصدر لاحق، وهو سيرة جورج الأنطاكي التي كتبها المقريزي، عُرض على أبي الضوء منصب الوزير الصقلّي بعد إقالة عبد الرحمن النصراني حوالي عام 1126. وبحسب المقريزي، أبلغ جورج عن الوزير إلى روجر، فأمر باعتقاله وإعدامه، ولكن عندما عرض روجر المنصب على أبي الضوء، رفض الأخير على أساس أنه رجل أدب وشعر. ثم عُيِن جورج وزيرًا.[4] ويمنح المقريزي أبا الضوء لقب كاتب الإنشاء، وهو من أعلى المناصب في مصر الفاطمية المعاصرة. ومع ذلك، يرفض عدد من الباحثين الأوروبيين على أن النورمان نظموا حكومتهم على غرار الفاطميين، ويعللون بأنه لا يمكن أن يقال الكثير عن ما كان من الممكن أن ينطوي عليه منصب كاتب الإنشاء في عشرينيات القرن الثاني عشر، لعل هذا مجرد تناقض زمني من جانب المقريزي.[3]

وبحسب ابن الأثير ، أنشأ روجر ديوان مظالم على غرار العباسيين لسماع شكاوى الناس. ومن المحتمل أن يكون هذا الديوان قد أشرف عليه أبو الضوء، حيث إن محكمة عام 1123م تتميز ببعض خصائص محكمة المظالم ، وهذا يتفق مع منصب كاتب الإنشاء كما كان في مصر الفاطمية، ويستخدم البعض هذا حجةً أن النورمانيين تعلموا تنظيم الحكم من الفاطميين.[2][5]

ويطلق المؤرخ الفارسي عماد الدين الأصفهاني (توفي عام 1201) أيضًا على أبي الضوء لقب الكاتب. ربما كان هو المسؤول عن مراسلات روجر مع الفاطميين والزيريين، والتي كانت مستمرة، ومع الحاكم المحلي المستقل يوسف من قابس.[6] وتُشير رواية المقريزي إلى أنه كان متمكنًا ليس فقط باللغة العربية، بل وباليونانية أيضًا، وهذا أحد أسباب عرض منصب عبد الرحمن النصراني عليه. على الرغم من أن نشاطه العام لا يظهر إلا في الفترة القصيرة 1123-1126، إلا أن القصيدة التي كتبها عن وفاة ابن روجر أثبتت أنه كان على مقربة من البلاط الملكي حتى منتصف أربعينيات القرن الثاني عشر.[3] وتعود أهميته في تطور الإدارة النورماندية إلى ظهوره كسكرتير عربي رفيع المستوى في الفترة التكوينية والتجريبية بين وفاة والدة روجر، الكونتيسة أديلايد ديل فاستو (1118)، وتتويج روجر الملكي (1130). [2]

شعره

[عدل]

لم يتبق من شعر أبي الضوء إلا ثلاثة مقتطفات من قصائده. وقد ورد المزيد من أعماله فيالمختار في النظم والنثر لفضائل أهل العصر[ا] المفقودة الآن والتي جمعها ابن بشرون الصقلي في صقلية ونشرت في عام 561. هـ،[ب] ولكن لا نعرف اليوم إلا ثلاثة مقتطفات من هذا العمل نقلها عماد الدين الأصفهاني في مختاراته " خريدة القصر" . المقطع الأول من أبيات متبادلة مع الفقيه عيسى بن عبد المنعم الصقلي، حيث طلب استعارة كتاب. المقتطف الثاني هو خمسة أبيات من مرثية كُتبَت في وفاة صديق. المقتطف الثالث والأطول، وهو الأكثر إثارة للاهتمام من الناحية التاريخية والأجمل أيضًا،[ج] هو سبعة عشر بيتًا من رثاء وفاة «ابن روجر الفرنجي سيد صقلية».[3]

لم يذكر اسم الابن، لكن القصيدة تشير إلى أنه كان قد بلغ سن الرشد مؤخرًا وقت وفاته، مما يجعله إما تنغريد أمير باري [الإنجليزية] (توفي في عام 1138/1140) أو ألفونسو الإيطالي (توفي في عام 1144)، اللذين توفيا في سن المراهقة أو في أوائل العشرينات من العمر، مما يجعلهما الشخصان الأكثر احتمالًا.[د] إلى جانب هذه المقاطع الثلاثة، يستشهد عماد الدين أيضًا ببعض أبيات أبي الصلت أمية التي أُرسلت إلى أبي الضوء.[3]

أبيات متبادلة مع الفقيه عيسى الصقلي

[عدل]
ألا انجـابَتْ فضاءَ لنا الخفيّ
وأعشـى الأعيـنَ القمرُ المُضيّ
ومـا خـابتْ بمـا شـامَت نُفوس
شـــفى غُلاتِهـــا جــود ورِيّ
مـن الخـبرِ الذي وافى بلِرْمًا
أعيسى المجدُ أم عيسى النّبي
وكيـف بـدا ومـا أنْ حان حشْر
وكـل مـواتِ هـذا الخلْـقِ حي
رويـــدَك رُبّ خـــوّارٍ ضــعيفٍ
غـدا وهـو القـويّ القَسـْوريّ
أعِـدْ نظـراً وجَـلّ بحسـنِ ظـنٍ
غبايـا الشـّكّ يبْدُ لك الجليّ
ألا خُـــذها وِداداً لا عِنــادًا
أجَــدّ صــفاءَها قلــبٌ صـفي

مرثية في وفاة صديق

[عدل]
قـالوا حبيـبي أصـابه رمَـد
جفـا الكـرى جفنَه لِما وجَدا
يـا ليتنـي كنـتُ دونَـه ولـهُ
نفسـي فِـداء فقـلّ ذاك فِدا
مـرّ فأبْـدى احمـرارُ وجنتِـه
مـن دمِ قلبي هواهُ ما وجَدا
فراعنــي بهجــةً وأدهشــني
فظلـتُ أدعـوهُ منشـِداً غـرِدا
يـا أرمدَ العينِ قف بساحتِنا
كيما نُداوي من جفنِك الرّمدا

رثاء ابن روجر الفرنجي سيد صقلية

[عدل]
بكـاء ومـا سـالتْ عيـون وأجفـانُ
شـجون ومـا ذابـتْ قلـوب وأبـدانُ
خبـا القمـرُ الأسـْنى فأظلمتِ الدّنا
ومـادَ من العلياء والمجدِ أركانُ
أحيــنَ اســتوى فـي حُسـنِه وجلالِـه
وتــاهتْ بـه أطـواد عـزّ وأوطـانُ
تخطّفَــه ريــبُ المَنــون مخــاتِلًا
علــى غِــرّة إنّ المنــونَ لخـوّانُ
كــذلك أعــراضُ البُــدور يعوقُهـا
إذا كمُلـتْ مـن حادث الدّهر نقصانُ
لحُــقّ بــأن نبكـي عليـه بـأدمُعٍ
لهـا فـي مسـيلِ الخـدّ درّ ومَرْجانُ
وتُحــرَقُ أكبــاد وتمــرضُ أنفُــس
وتعظُــم أتــراح وتكبُـر أشـجانُ
وتهتــاجُ أحــزانٌ وتهمــي مـدامع
وتُجمــع أمــواه غِــزار ونيـرانُ
تبكّـــتْ لـــه خيمــاتُه وقُصــورُه
ونــاحتْ عليــه مرهفــاتٌ ومُـرّانُ
وعــاد صـهيلُ الخيـلِ فـي لهـواتِه
حنينــًا وعــافتْهُنّ لُجـم وأرْسـانُ
ومـا نـاح وُرْقُ الأيـكِ إلا لـه فلـو
درَتْ لبكـتْ قبـلَ الحمـائم أغصـانُ
فيــا لـك مـن رُزْءٍ عظيـمٍ وحـادثٍ
يعــزّ لــه صــبر ويُعـوِزُ سـُلوانُ
ويـا يـومَه مـا كـان أقطـعَ هولَهُ
تشــيبُ لمــرآهُ المــروّعِ وُلْـدانُ
كـأن منـادي البعـثِ قـام مناديـًا
لحشـرٍ فهـبّ الخلْقُ طُرّاً كما كانوا
وقـد ضاق رحبُ الأرضِ بالخلقِ والتقتْ
جمــوعهُم مرجــاً رجـالٌ ونسـوانُ
وشـــُقّتْ قلــوبٌ لا جيــوب ورجّعــتْ
بلابِــلُ وارتجّــتْ نفـوس وأذهـان
وكـانوا بلُبْسِ اللّهوِ بيضاً حمائمًا
فعادوا وهم في ملبَسِ الحزن غرْبان

ملحوظات

[عدل]
  1. ^ المختار في النظم والنثر لفضائل أهل العصر
  2. ^ م 1165–66.
  3. ^ يصفها جونز (2002، ص 88) بأنها "رثاء أكثر من كفء"؛ ويصفها ماليت (2005، ص 100) بأنها "واحدة من أكثر القصائد مأساوية ومؤثرة التي كتبت للملوك النورمان".
  4. ^ الابن البكر روجر الثالث تٌوفي 1149 بعمر 31.

مراجع

[عدل]
  1. ^ Johns 2002، صفحة 89, Table 3.1, contains a family tree.
  2. ^ ا ب ج Metcalfe 2009، صفحات 129–30.
  3. ^ ا ب ج د ه Johns 2002، صفحات 88–90.
  4. ^ Johns 2002، صفحة 81.
  5. ^ Johns 2002، صفحة 295.
  6. ^ Jamil & Johns 2016، صفحة 129.


فهرس

[عدل]
الكتب 
  • ʿAbbas، Ihsan (1994). A Biographical Dictionary of Sicilian Learned Men and Poets. Beirut: Dar al-Gharb al-Islami.
  • Johns، Jeremy (2002). Arabic Administration in Norman Sicily: The Royal Dīwān. Cambridge University Press.
  • Mallette، Karla (2005). The Kingdom of Sicily, 1100–1250: A Literary History. Philadelphia: University of Pennsylvania Press.
  • Metcalfe، Alex (2009). The Muslims of Medieval Italy. Edinburgh University Press.
المقالات 
  • De Simone، Adalgisa (1999). "Il Mezzogiorno normanno-svevo visto dall'Islam africano". في Giosuè Musca (المحرر). Il mezzogiorno normanno-svevo visto dall'Europa e dal mondo mediterraneo. Edizioni Dedalo. ص. 261–94.
  • Jamil، Nadia؛ Johns، Jeremy (2016). "A New Latin–Arabic Document from Norman Sicily (November 595 H / 1198 CE)". في Maurice A. Pomerantz؛ Aram A. Shahin (المحررون). The Heritage of Arabo-Islamic Learning: Studies Presented to Wadad Kadi. Leiden: Brill. ص. 111–68.