حماية المصادر - ويكيبيديا

حماية المصادر أو ما تسمى أحيانًا مبدأ سرية المصادر أو كما تسمى في الولايات المتحدة امتيازات المراسل هي حق ممنوح للصحفيين بموجب قوانين العديد من البلدان وأيضًا بموجب القانون الدولي. فهذا يعني وببساطة أن السلطات، بما فيها المحاكم، لا يمكن أن تجبر الصحفي على الكشف عن الهوية المجهولة لمصدر الخبر. ويستند هذا الحق على إقرار أنه بدون ضمانة قوية بعدم الكشف عن الهوية، فسيحجم الكثير من الناس عن الذهاب إلى الصحفيين ومشاركتهم أخبارًا تهم عامة المجتمع. نتيجة لذلك قد تظل مشاكل مثل الفساد أو الجرائم غير مُكتشفة ولا يواجهها أحد، ويكون ذلك في النهاية على حساب المجتمع ككل. وعلى الرغم من هذه الحماية القانونية فإن انتشار استخدام الاتصالات الإلكترونية -التي يمكن تتبعها- بين الصحفيين ومصادرهم يوفر للحكومات أداة لتحديد المصدر الرئيسي للمعلومات.[1] في الولايات المتحدة تؤكد الحكومة الفيدرالية أنه من الناحية القانونية لا وجود لهذه الحماية.[2][3]

أمثلة

[عدل]

المثال المشهور عن استخدام مصدر مجهول هو سلسلة مقالات مراسلي جريدة واشنطن بوست مثل بوب ودورد وكارل برنشتاين والتي كشفت عن فضيحة ووترغيت التي أدت في النهاية إلى استقالة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نيكسون. حيث اعتمد وودوارد وبرنشتاين بشكل واسع على المعلومات المقدمة من قبل شخص معروف للعالم تحت الاسم المستعار ديب ثرووت فقط. وفي عام 2005 كشف ويليام مارك فيلت، الذي كان في ذلك الوقت يشغل منصب مدير مساعد في الولايات المتحدة مكتب التحقيقات الفيدرالي أن المصدر كان «ديب ثرووت».

لم يضطرا وودوارد وبرنشتاين إلى الاحتجاج بقاعدة حماية مصادر المعلومات حيث إن السلطات الأمريكية لم تحاول الكشف عن هوية «ديب ثرووت». كما تعتبر قضية بارت موس وجوست دي هاس من الجريدة اليومية دي تليجراف الهولندية مثالاً للتطبيق القانوني للحق في حماية المصدر. وفي مقال نشر في يناير 2006 زعم الصحفيون وجود تسرُب أخبار من المُخابرات الهولندية ونقلا الدعوى عن ملف رسمي عن منك كوك، وهو مجرم سيئ السمعة. وزعما أيضًا أن الملف المعني قد سقط في يد كوك نفسه. وأدت تحقيقات الشرطة لاحقًا إلى رفع دعوى قضائية على بول إتش وكيل المتهم ببيع الملف المعني. وبناءً على الطلبات المقدمة من قبل النيابة والدفاع، أمر قاضي التحقيق في هذه القضية بالكشف عن مصدر الأخبار بحجة أن ذلك كان ضروريًا لحماية الأمن القومي وضمان محاكمة عادلة لـ إتش. وتم اعتقال الصحفيين في وقت لاحق لرفضهما الامتثال لأمر الكشف عن المصادر، ولكن أطلق سراحهما في الاستئناف بعد ثلاثة أيام في 30 نوفمبر. واعتبرت محكمة مقاطعة لاهاي أن مصلحة الأمن القومي التي يخدمها النظام في هذه القضية كانت ثانوية وليست على نفس درجة الأهمية ويجب ألا تعلو على قاعدة حماية المصادر.[4]

في عصر الاتصالات الحديث تعتمد قدرة الصحفيين على حماية مصادرهم بشكل متزايد على مدى ملاءمة الكمبيوتر وتدابير أمن الاتصالات التي يستخدمونها. وفي يونيو 2010 ناقش بيل كيلر ثم رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة نيويورك تايمز وألان روسبردجر رئيس تحرير صحيفة الغارديان البرقيات السرية المقدمة لهم من ويكيليكس عبر خط هاتف دولي غير مُشفّر. لم يكن لدى جريدة التايمز أدوات اتصالات آمنة يمكن توفيرها بسرعة عند التعامل مع مسائل طارئة مثل هذه على الرغم من تاريخها في التعامل مع المخبرين في المواد التقاريرية مثل اعتراض وكالة الأمن القومي للمكالمات الدولية الأمريكية.[5]

القانون الدولي

[عدل]

تشير مُختلف هيئات القانون الدولي إلى أن الاعتراف بالحق في حماية المصادر يأتي ضمنيًا في الاعتراف بالحق في حرية التعبير.

في أوروبا نصّت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في قضية عام 1996 المرفوعة من جدوين على المملكة المتحدة على أن حماية المصادر الصحفية هو واحد من الشروط الأساسية لحرية الصحافة... وبدون هذه الحماية قد تمتنع المصادر عن مساعدة الصحافة في إعلام الرأي العام بشأن المسائل ذات المصلحة العامة، كنتيجة لذلك قد ينهار الدور الحيوي للصحافة في الرقابة العامة وقد تتأثر قدرة الصحافة على توفير معلومات دقيقة وموثوق بها سلبًا، “[6] وخلصت المحكمة إلى أن الرغبة في«علو مطلب المصلحة العامة»، من أجل الكشف عن المصادر هو أمر ينتهك ضمان حرية التعبير في المادة 10[7] الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

في أعقاب قضية جدوين أصدرت اللجنة الوزارية للمجلس الأوروبي توصية للدول الأعضاء حول كيفية تطبيق قاعدة حماية المصادر في تشريعاتها الداخلية.[8] وقد دعت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أيضًا الدول إلى احترام هذا الحق.[9]

في الأمريكتين تم الاعتراف بقاعدة حماية المصادر الصحفية في إعلان البلدان الأمريكية لمبادئ حرية التعبير ,[10] والذي ينص في المبدأ 8 على أن «كل ناقل ومتواصل اجتماعي لديه الحق في الاحتفاظ بسرّية مصدر المعلومات والملاحظات الشخصية المتواصل معها والمحفوظات المهنية».

وفي إفريقيا اعتمدت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إعلان مبادئ حرية التعبير في إفريقيا والذي يتضمن الحق في حماية المصادر الصحفية بموجب المبدأ الخامس عشر.[11]

انظر أيضًا

[عدل]

المراجع

[عدل]
  1. ^ Liptak، Adam (11 فبراير 2012). "A High-Tech War on Leaks". New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-12-18. اطلع عليه بتاريخ 2012-02-14.
  2. ^ Aftergood، Steven (29 فبراير 2012). "There is No Reporter's Privilege, Leak Prosecutors Insist". Federation of American Scientists Secrecy news. مؤرشف من الأصل في 2013-01-30. اطلع عليه بتاريخ 2012-02-29.
  3. ^ Harris، Shane (21 مايو 2013). "Timeline: Leak Investigations That Have Ensnared Journalists". The Washingtonian. مؤرشف من الأصل في 2015-12-22. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-25.
  4. ^ 'Dutch court releases 2 reporters jailed for refusing to reveal their sources' - International Herald Tribune, November 30, 2006 نسخة محفوظة 15 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ Soghoian، Christopher (27 أكتوبر 2011). "When Secrets Aren't Safe With Journalists". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2011-10-27.
  6. ^ قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية جودوين ضد المملكة المتحدة نسخة محفوظة 19 أبريل 2012 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نسخة محفوظة 21 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ Recommendation No. R (2000)7 of the Committee of Ministers to Member States on the right of journalists not to disclose their sources of information "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2008-05-11. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-15.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  9. ^ Concluding Document of the 1986 Vienna Meeting of Representatives of the Participating States of the Conference of Security and Co-operation in Europe نسخة محفوظة 14 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ Inter-American Declaration of Principles on Freedom of Expression نسخة محفوظة 21 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ Declaration of Principles on Freedom of Expression in Africa نسخة محفوظة 29 ديسمبر 2005 على موقع واي باك مشين.