دور الغواصون الاقتصادي في الدولة العباسية - ويكيبيديا
الغواصون في العصر العباسي شكلوا ركيزة أساسية للاقتصاد، لا سيما في المناطق الساحلية. فقد كانت مهنة الغوص على اللؤلؤ، التي مارسها هؤلاء الرجال بشجاعة وإتقان، تمثل مصدراً رئيسياً للثروة والعملة الصعبة للدولة العباسية.[1]
تعريف الغواصين لغة واصطلاحا
[عدل]وردت تفسيرات لكلمة الغواصين لغويا في الدولة العباسية فهي مفرد غواص وهي اسم مشتق من المصدر غوص يغوص، تغويصا، فهو مُغوص والمفعول مغوص، وصيغة المبالغة غياصة، أى كثير الغوص يقال غواص: من يكثر الغوص في الماء، وجعله يغوص فيه، غمسه، غطسه غاص على: تعمق في البحث، وبلغ أقصى الشيء.
أما تفسير الغواصين اصطلاحاً النزول تحت الماء. وقد غاص في الماء. والهاجم على الشيء غائص، والغواص: الذي يغوص ويغطس ليستخرج اللؤلؤ والأصداف من قاع البحر لذلك عرف المغاص، المغيص، الغاصة بأنه موضع الغوص والغواصين، والجمع المغاصات.
التوزيع الجغرافي للغواصين وموانى المغاصات الاقتصادية المشهورة في الدولة العباسية
[عدل]يستخرج الغواصون اللؤلؤ والصدف من مغاصات أشهرها الطريق البحرى من البصرة الى المشرق مع ساحل فارس، ومنها مغاص جزيرة خارك بالبصرة، مغاص كيش و مغاص أوال بالبحرين، ومغاص دهلك والسرين والشرجة في اليمن ومغاص القطرية ومغاص سرنديب بالمحيط الهندي، مغاص اللار ومغاص قيس بفارس، ومغاص اسقطرى، ومغاص قبس ومغاص تؤام ومغاص الرامي ومغاص صور وقلهات بعمان، مغاص سوبارة بالهند، مغاص خمدان بالصين ومغاص البهزان بالري، مغاص منحوس على ساحل البحر بمكة، مغاص القلزم بجوار جبل الطور ومغاص بحر عيذاب ومغاص عيسابان ومغاص الدر بحلب.
المواسم الاقتصادية لرحلة الغوص للغواصين في العصر العباسي الأول
[عدل]تتم عملية الغوص ويغوص الغواصين على اللؤلؤ في شهور محددة تم تحديدها من قبل والى هارون الرشيد تكون في أول أبريل إلى آخر سبتمبر حيث تكون مياه البحر هادئة ودافئة في نفس الوقت وما عدا ذلك من شهور السنة فلا غوص فيها لان اللؤلؤ يسافر من السواحل. وكان يوضع في البحر علامات منصوبة ومغروسة من الخشب دليلاً للمراكب.
التطور الاقتصادي لسفن رحلة الغوص في الدولة العباسية
[عدل]تطورت السفن التي استخدمت في رحلة الغوص على اللؤلؤ والصدف في عهد الخليفة المأمون فكانت تبنى وتصمم على أساس الابحار بالشهور في عرض البحر وتمتاز برشاقة مقدمتها وسلاستها، حتى يسهل تنقلها من مكان إلى آخر بواسطة المجاديف والأشرعة، كما كانت متعددة الأشكال والأنواع . ومن الأمثلة على هذا النوع من السفن الدونج والبتيل وسنبوك والبوم والجالبوت والشوعي والزوارق.[2]
ويؤكد الإدريسي تطور نشاط حركة سفن الغواصين وما نتج من تطور الحركة التجارية في عهد هارون الرشيد على أن " كل واحد من التجار صاحبه من الغواصين خرجوا من المدينة في أزيد من مائتي زورق ، ويقسمه التجار أقساماً، في كل زورق خمسة أقسام وستة، وكل تاجر لا يتعدى قسمه من المراكب، وكل غواص له صاحب يتعاون معه في عمله، وأجرته على خدمته أقل من أجرة الغطاس. ويخرج الغواصون من هذه المدينة وهم جملة في وقت خروجهم ومعهم دليل ماهر، ولهم مواضع يعرفونها بعينها بوجود صدف اللؤلؤ فيها ، لأن للصدف مراع يجول فيها وينتقل إليها ويخرج عنها في وقت آخر إلى أمكنة أخرى معلومة بعينها فإذا خرج الغواصون تقدمهم الدليل ، فكلما من الدليل بموضع من تلك المواضع التي يصاد فيها صدف اللؤلؤ تنحى عن ثيابه وغطس في البحر ونظر، فإن وجد ما يرضيه خرج وأمر بحط قلعه وأرسى زورقه وحطت جميع المراكب حوله وأرست وانتدب كل غواص إلى غوصه فأفرغوا المكان من صدفه.
التنظيم الاقتصادي لرحلة استخراج الغواصين للؤلؤ في العصر العباسي
[عدل]تتجمع السفن في مواعيد المغاص ولأن عملية الغوص عملية اقتصادية كبيرة لا يستطيع أن يقوم بها احد بمفرده فلابد من مجموعة كبيرة تستدعى تنظيما وتجميعا لعناصر عدة ، ففرض تنظيما اقتصاديًا ، فنشط تموين المراكب من الماء والغذاء ولوازم وأدوات الصيد طوال فترة الغوص وهذا أدى دوره النشاط الحركة التجارية لتلك السلع ، وتجميع طاقم البحرية الذى يعاون الغواصين في رحلتهم للغوص والبحث عن اللؤلؤ ، أي أنها كانت عملية رأسمالية لذلك يبدو أن التاجر كان يقوم باستئجار الغواصين والطاقم المعاون له ، وربما السفن مقابل أجر معين يتم الاتفاق عليه وذلك خلال مدة الصيد فقط ، أو نسبة من حصيلة الصيد وعلى كل سفينة عشرات الغواصين المدربين على الغوص و يعاونهم مجموعة من البحارة المهرة منهم النواخذة والجعدي والمقدمي والسيب.
أما طريقة الغوص التي يستخدمها الغواصين في استخراج اللؤلؤ منظمة جدا حيث يتم استخراج اللؤلؤ من عمق يقدر ما بين قامتين وعشر قامات ( القامة حوالى متر ونصف ) وتتميز منطقة الغوص بأنها قليلة العمق.
قبل القيام بعملية الغوص يتحضر الغواصون بارتداء ملابس الغوص فيلبسون الشمشول[3] وهو عبارة عن سروال قصير أسود اللون يساعدهم على الحركة في الماء ويطلون أقدامهم باللون الأسود والزيت حتى تنفر منهم دواب البحر ( الاسماك المفترسة ) ولا تقوم بافتراسهم ويقومون بحشو أذانهم بقطع من القطن المغموس بشمع مذاب من دهن الشيرج ، كما استخدم هذا الدهن في قعر الماء، فيضيء لهم البحر ضياء بينا ثم يقوم الغواصون بتغطية أصابعهم بالخبط وهو قفاز من الجلد يوضع على أطراف الاصابع لحفظ الأصابع من الالتهابات التي يسببها الصدف.
ويضع كل غواص على أنفه مقراض وتكون على شكل مشبك وتسمى (بالملقط ) أو (الفطام)[4] طولها نحو إصبع صنعت من ظهور السلاحف البحرية أو من قرون الحيوانات وليست من الخشب الغرض منها منع عملية التنفس أثناء الغوص.
وكان يقوم الغواصون بوضع نظارات خاصة على أعينيهم حتى يستطيعوا الرؤية من خلالها، وهو في عمق البحر وفي بعض الأحيان كانوا يغوصون بعينين مفتوحتين ولكل غواص حبلان يستخدم عند النزول إلى الماء حيث يوجد في نهايته حجر وزنه ربع قنطار ويعود فائدة الحجر إلى مساعدة الغواص للنزول بسرعة نحو قاع البحر ، أما الحبل الثاني مربوط بالدبين (مخلاة من الجلد) يوضع فيه ما يجمعه الغواص من اللؤلؤ ويستخدمه أيضا للصعود الى السفينة فكانوا يتفاوتون في الصبر على كتم النفس فعندما يضيق تنفس الغواص يحرك الحبل الذي أطلق عليه حبل الانقاذ فيسحب الى ظهر السفينة ليستريح قليلا قبل ان يعود الكرة من جديد.
وفي فترة استراحة الغواصين ينزل غواصون آخرون مقسمون إلى مجموعات فتنزل مجموعة بعد أخرى ، على أن يكون هناك مجموعة ثابتة على ظهر المركب بعدد الغواصين وهي التي تقذف بهم وتجذبهم وتأخذ اللؤلؤ منهم ، وكانت لهم إشارات وأصوات خاصه أثناء الغوص يفهمون بعضهم البعض ، فإذا أتم الغواص في البحر مقدار ساعتين صعد ، وقد يغوص في اليوم من ثلاث إلى ست مرات ، وكان التاجر يجمع اللؤلؤ باسم كل غواص.
وكان قبل الغوص يتناول الغواصين وجبة خفيفة من التمر واذا نزلوا الماء يبقى العمل مستمرا حتى العصر وبعد صلاة المغرب تناولون من السمك والارز ثم ينامون ليلتهم حتى الصباح التالي وهكذا حتى انتهاء رحلة الغوص ، وكان يتفاوت عدد اللؤلؤ حسب منطقة الغوص وحسب مهارة الغواصين.
تطور مهنة الغوص خلال العصر العباسي (١٣٢-٦٥٦هـ / ٧٤٩-١٢٥٨م)
[عدل]أكد البيروني على التطور الذي لحق بالدولة العباسية في استحداث النشاط الاقتصادي ووصف أدوات الغوص المستحدثة خاصة في عهد الخليفة المهدى فقال: "أخبرني أحد أهل بغداد أن الغواصين قد استحدثوا في هذه الأيام للغوص طريقة إمساك النفس وتمكنوا من التردد في البحر من الضحوة إلى العصر .. وهي آلة من جلود يدخلونها إلى اسفل صدورهم ثم يشدونها ... ثم يغوصون ويتنفسون فيها من الهواء الذى داخلها ولابد في هذا من ثقل عظيم يجذبه مع ذلك الهواء إلى أسفل ويمسكه في القرار وأصرف منه أن يوصل بأعالي تلك الآلة .. بربخ من جلد على هيئة الكم مستوثق من دروزه بالشمع والقير وطوله بقدر عمق ما يغوص فيه ويوصل البربخ الجلد بجفنة واسعة من ثقبة في أسفلها ويعلق في حافتها زق او زقاق منفوخة يدوم بها طفوها فيجرى نفسه في تجويف البربخ جذبا وإرسالا ما شاء مدة اللبث في الماء ويكون الثقل الراسب به اقل مقدارا لحصول الطريق للهواء".
مخاطر الغواصين
[عدل]كانت حياة الغواصين مفعمة بالتحديات ومليئة بالمخاطر فكانوا يبحرون أشهرا ، والعمل المتواصل الممتد من شروق الشمس الى غروبها على السفينة ويعد الغوص من الأعمال الشاقة لطول مده العمل التي تراوح ما بين ١٤ إلى ١٦ ساعة متحلين بإرادة صلبة وعزيمة قويه بحثا عن اللؤلؤ ، وكان يواجهون الحر طوال الصيف وقلة الغذاء إضافة الى ما يتعرض له الغواص من أمراض البحر وأخطاره المختلفة ، ومن مخاطر الشعب المرجانية أو التعرض الافتراس أو عض الاسماك المفترسة، وقد يغفل لأى سبب عن اشارة لحبل الانقاذ فينفذ الأكسجين ويموت غرقا.
القيمة الاقتصادية للغواصين
[عدل]تعد عمليات الغوص على اللؤلؤ من الموارد الهامة للدولة العباسية فظهرت أهميه الغواصين وتعلم والتدرب على الغوص لجمع اللؤلؤ ، وعرف أعلاهم أجرة أصبرهم تحت الماء ؛ وقد تم استخدام الغواصون في ديوان الماء لحفظه في الليل والنهار ، فكان يعمل بديوان الماء بنيسابور اربعمائة غواص يراعونه في ليلهم ونهارهم وربما احتاجوا دخول الماء في البرد الشديد فيطلون أنفسهم بالشمع.[5]
أصبحت مغاصات اللؤلؤ مقصد رؤساء الغواصين في البحر والتجار من جميع الأقطار حتى صار الغوص نشاط تجاري يقوم بإنعاش الحياة الاقتصادية مما أوجب على الدولة العباسية اتخاذ تدابير أمنية لحماية المغاصات وفرض سيطرتها عليها وفرض ضريبة على سفن الغوص.
ولأهمية ما يجمعه الغواصون يوضع اللؤلؤ في صرر مكتوب على كل صرة اسم صاحبها الغواص ثم يأخذ الصرر التاجر الذي يقوم بعملية البيع في حضور الوالي، حتى يقبض كل تاجر ماله ويرسل إلى الوالي النفيس من اللؤلؤ كضربية إلى الخليفة العباسي.
وفي عهد الخليفة المأمون أكد الحميري على حضور الغواصون مرحلة بيع اللؤلؤ ورضاهم عن عملية البيع بقوله: "خرجوا فيه وما معهم من الجوهر في صررهم، وعلى كل صرة منها مكتوب اسم صاحبها، وهي مطبوعة بطابع، فإذا نزلوا أخذت تلك الصرر من التجار وصارت في قبضة الوالي وتحت يده، فإذا كان في يوم البيع اجتمع التجار في موضع البيع وأخذ كل واحد مكانه، وأحضرت الصرر ، ودعا باسم كل واحد من أصحابها وفضت خواتمها واحدة واحدة، وصب ما في الصرة من لؤلؤ في غربال موضوع تحت غربال وتحته آخر إلى ثلاثة غرابيل وتلك الغرابيل لها أعين ومقادير ينزل منها الدقيق والمتوسط ويمسك كل نوع منها في غربال، فلا يبقى على وجه الغربال الأعلى إلا ما غلظ من الجوهر، ولا يبقى على وجه الغربال الثاني إلا اللؤلؤ المتوسط، ويستقر على الغربال الآخر اللؤلؤ الدقيق ثم يعزل كل صنف منها وينادى عليه بسوامه ومستحق أثمانه فإن أحب التاجر سلعته كتبت عليه وإن شاء بيعها من غيره باعها وقبض ماله".
والتاجر إذا اشترى متاعه إنما عليه أن يؤدي اللوازم التي وجبت عليه، وينتصف التجار من الغواصين والغواصون من التجار، وينتصف كل واحد من كل واحد، وينصرف الناس ثم يعودون إلى هنالك من العام المقبل، هكذا أبداً وما وجد من الجوهر العالي النفيس أمسكه الوالي وكتبه على نفسه باسم أمير المؤمنين والعدل لا يفارقهم في البيع والشراء حتى لا يضام منهم أحد ولا يشكو ظلماً.
أدرك الخليفة هارون الرشيد أنه من الأهمية المحافظة على الشريان الحيوي مغاصات الخليج العربي ولهذا قام باستحداث وظيفة جديدة وهى وظيفة والى البحر ويدعى صاحبها أمير البحر مهمته الاشراف الرسمي على تنظيم القوة البحرية الرحلة الغوص وتولاها أحد كبار قادة هارون عرف بالوالي المعلمي الذي نجهل اسم أبيه ، ثم انتقلت هذه الوظيفة إلى محمد بن سليمان بن علي العباسي مدة ولايته ثم إلى عمارة بن حمزة ، وتزامن عهده مع ازدياد نشاط قراصنة البحر وتعرض حركة التجارة والنقل وأماكن الغوص واستخراج اللؤلؤ لخطر القراصنة.
زادت القيمة الشرائية للؤلؤ بزيادة نمو الحركة الاقتصادية ، لأن اللؤلؤ أكثر قيمة وأخف حملا ، وأستخدم في الوصفات الطيبة والزينة والمباهاة ، فشملت صناعته التيجان والقلائد وحلى الملوك والأمراء ، وحفلات الجلوس على كرسي الخلافة والمواكب التي رصعت باللؤلؤ وأنواع الجواهر، وهي أحد الأسباب التي دعت الخلفاء وكبار رجال الدولة إلى اقتناء اللؤلؤ من الغواصين.
وقد نتج عن هذا ظهور حرف ومهن مرتبطة ببيع اللؤلؤ ساعدت في تحسين الوضع المالي والاجتماعي ؛ كمهنة اللؤلؤي نسبة لمن يبيعون اللؤلؤ ، حرفة الثقاب لمن يقوم بثقب اللؤلؤ ، صناع فصوص اللؤلؤ ، مهنة الجوهري من يبيع الجواهر المطعمة باللؤلؤ ، وحرفة الصائغ من يشكل الحلى الذهبية المطعمة باللؤلؤ.
كما كان لسفن الغوص دورا اقتصاديًا متطوراً ، دفع بعض السكان الاحتراف حرفة صناعة سفن الغوص التي سميت أيضا بقلافة سفن الغوص وهي تحتاج إلى أخشاب قوية ومسامير من حديد تستعمل في ربط الألواح والأخشاب بعضها ببعض وإلى أيد حرفية مهارة ، ومنها نسب صناع قلافون السفن وهم رجال يصنعون السفن الكبيرة والصغيرة الشراعية.[6]
ومن أشهر صناع قلافون السفن نجار سفن الغوص وهو من يقوم بتسوية الأخشاب ونجارتها وقلافتها بمادة الصل التي تستخرج من الأسماك، وتدهن بها أخشاب السفينة عقب الانتهاء من صنعها، وقبل تدشينها حتى يطيل عمر الأخشاب ، أما مادة الشونة فهي مزيج من الدهن والجير، يطلى بها النصف الأسفل للسفينة لكي يقاوم ملوحة المياه. وقد يكسى النصف الأسفل للسفينة بمادة النحاس التي تمنع تأكل الأخشاب.
أما حداد سفن الغوص يقوم بصنع المسامير والمراسي والخطاطيف والسلاسل والفؤوس من معدن الحديد ويقوم خرّاز السفن بخرز شراع و ألواح السفن بالليف والأحبال.
وكان لأهمية تجارة اللؤلؤ أن أصبحت تجارته مركزا اقتصاديًا في ظهور أسواق متخصصة لبيع اللؤلؤ وأشهرها أسواق البحرين كسوق دارين وسوق أوال و سوق القطيف و سوق هجر ، وسوق الجرعاء بالأحساء.
صادرات الدولة العباسية من ما يستخرجه الغواصين من اللؤلؤ
[عدل]أدى كثرة استخراج الغواصون من اللؤلؤ إلى حد الاكتفاء وبلوغ الفائض للتصدير وهو ما يعكس الدور الاقتصادي للغواصين فكانت صادرات اللؤلؤ تدر على الدولة العباسية أرباحا كبيرة خاصة من مغاص البحرين الذي كانت صادراته من اللؤلؤ ما يعادل ثلاثة أرباع صادرات البحرين ، وازدادت أهميته بعد فرض ضربيه الخمس فيما يخرج من البحر أطلق عليها ضربيه سيب البحر من سفن الغواصين والتي كانت تصدر إلى جنوب شرق آسيا وسواحل إفريقيا عن طريق الطريق التجاري البحرى الذي يصل بالبحرين ، وكانت في بعض الأحيان تباع اللؤلؤة الواحدة من ٤٠ الف إلى ۱۲۰ الآف درهم.
قدر متوسط القيمة الشرائية للؤلؤ تزداد جودته ونوع اللؤلؤ المباع ( ما زاد على وزن مثقال ، فيزاد لكل قيراط في الوزن مائة دينار في الثمن إلى أن يبلغ مثقالا ونصف ثم يزداد لكل دائق في الوزن ٥٠٠ دينار في الثمن الى ان يبلغ مثقالين ، وما زاد عليه تتضاعف قيمته).
وأكد الأكفاني على قيمة اللؤلؤ الشرائية فقال: "والقيمة عن الدر .... إذا كان وزنه مثقالاً، كانت قيمته ألف دينار، وإذا كان وزنه ثلثي مثقال، كانت قيمته خمس مائة دينار، وإذا كان وزنه نصف مثقال، كانت قيمته مائتي دينار ؛ وإذا كان وزنه ثلث مثقال، كانت قيمته خمسين ديناراً، وإذا كان وزنه ربع مثقال، كانت قيمته عشرين ديناراً، وإذا كان وزنه سدس مثقال، فقيمته خمسة دنانير، وثمن مثقال فقيمته ثلاثة دنانير، ونصف سدس مثقال، فقيمته دينار واحد ؛ لكثرة الرغبات من ملوك العصر، في اقتناء الجواهر النفيسة. وأما صغاره، فبالدرهم".
ونتيجة لجودة اللؤلؤ الذى يستخرجه الغواصون ظهرت المتاجرة في اللؤلؤ إلى مختلف البلدان خاصة بلاد الهند والصين وهو ما أكده القلقشندي بقوله: ولهم متاجرة مربحة وواصلهم إلى الهند لا ينقطع فكانت تحمل السفن ما يستخرج من اللؤلؤ إلى الهند والصين وكان ميناء عمان يعج بحركة السفن المستمرة بين شحن وتفريغ ، وهو مما يدل على المستوى الاقتصادي المتقدم نتيجة المتاجرة فيه.
نتيجة النشاط التجاري الخارجي بدأت الدولة العباسية في رعاية أسواق اللؤلؤ من خلال الحرص على توفير الحماية اللازمة لتجار اللؤلؤ ، وظهور المنشآت من الفنادق والخانات التي تخدم هذا النشاط وهو ما أكده ابن حوقل بقوله أنه وجد: خانات وفنادق يسكنها التجار بالتجارات ... للبيع والشراء فيقصد كل فندق بما يعلم أنه يغلب على أهله من أنواع التجارة وكل فندق منها لا يضاهي أكابر أسواق ذوى جنسه ويسكن هذه الفنادق أهل اليسار ممن في ذلك الطريق من التجارة وأهل البضائع الكبار والأموال الغزار ولغير المياسير فنادق وخانات يسكنها أهل المهن وأرباب الصنائع".
وأصبح تحقيق الاكتفاء من تلك السلعة النادرة للغواصين محط اهتمام ومجالا للتفاخر والمباهاة؛ فقد ذكر عن الخليفة العباسي المأمون أنه فرش حصيرا من الذهب ونثر اللؤلؤ على الحاضرين عند زواجه بخديجة بنت الحسن بن سهل التي لقبت ببوران.
مصادر
[عدل]- ^ "دور الغواصون الاقتصادي في الدولة العباسية". مؤرشف من الأصل في 2024-02-07.
- ^ "خلافة هارون الرشيد ابن المهدي".
- ^ "«الشمشول» و«المقصر».. درع تقي الغواص لدغات قناديل البحر". مؤرشف من الأصل في 2023-06-08.
- ^ "«الفطام».. حماية الغوّاص من تسرّب الماء".
- ^ "ديوان الماء(دراسة في انظمة الإرواء في الحضارة العربية الاسلامية".
- ^ "ما هي القلافة؟".